كيفية كتابة مشكلة الدراسة وما هي ضوابطها؟
أولا: المقدمة :
إن تحديد مشكلة البحث العلمي هو في حد ذاته مشكلة تحتاج إلى بحث أو استقصاء، فالباحث يبدأ عادة بنوع من التساؤل غير المحدد، يتولد لديه “إحساس بالمشكلة للبحث” بأن أمراً يفتقر إلى المعرفة أو سؤالاً يحتاج أن يجد له إجابة أو مشكلة لبحث يحتاج أن يجد لها حلاً، لذلك قد يلجأ الباحث إلى نوع من الاستقصاء ويسترشد بمراجع ومصادر ويحلل مواقف ووقائع إلى أن يتوصل إلى تصور أو أكثر لمشكلة جديرة بالبحث للمشكلة.
ثانياً: دوافع اختيار مشكلة الدراسة :
1_دوافع شخصية
الدوافع الشخصية من أمور تتعلق وتدور في خاطرة الباحث والتي يمكن إيجازها في الاطلاع الواسع وحب المعرفة في ظل الانفجار المعرفي والحصول على جائزة متميزة في إحدى المجالات العلمية أو الحصول على ترقية وخاصة العاملين في مؤسسات التعليم العالي. ومن الباحثين من يقوم بالتحضير للوصول إلى درجة علمية يحقق فيها الشخص ذاته أو الوفاء بمطالب الوظيفة أو الرغبة في تحقيق فكرة جديدة لم تطرح من قبل. ومنهم من يحب الشهرة والظهور وخاصة في ظل المستجدات العلمية والتكنولوجية.
2_دوافع موضوعية
من الدوافع الموضوعية التي تدفع الباحث لإجراء بحثه هو الشعور بمشكلة معينة والتفكير بحلها بأسلوب علمي يخطر في مخيلته. والتفكير في تفسير بعض الظواهر الطبيعية أو الإنسانية التي يشعر بها. أو الرغبة في تحسين الإنتاجية والوصول إلى نتائج أفضل من الوضع القائم. أو الرغبة في التنبؤ والتحقق من صحة الفرضيات. والرغبة في السيطرة على القوى الطبيعية والحد من النظرية الحتمية التي جعلت الإنسان عبداً للبيئة. وكذلك الرغبة في تطبيق بعض النظريات العلمية والتحقق من صحتها لتطبيقها والاستفادة منها في الحياة اليومية.
3_دوافع أخرى
- الدافع العلمي: أحد الدوافع الذي تحث الباحث على كتابة الأبحاث النظرية التي تهدف إلى خدمة العلم، ومثال على ذلك الأبحاث العلمية التي تدعوا إلى التغير الاجتماعي.
- الدافع العملي: وهو الذي يقود الباحث العلمي لدراسة مشكلة قائمة في المجتمع، وهناك الكثير من الأبحاث العلمية التي تحتوي على مشكلات بحثية تهدف إلى إيجاد الحلول المناسبة لمشكلات المجتمع المنتشرة مثل المشكلات التي تتعلق بإدمان المخدرات أو ما شابه.
- السياسة: تعتبر أحد دوافع للكتابة حول مشكلة تتعلق بقضية سياسية منتشرة ولها دورًا أساسيًا في تأخر المجتمع سياسيًا أو دينيًا أو اجتماعيًا.
- التمويل المادي للبحث: يقوم الباحث بالإجراءات المناسبة من أجل تجميع المعلومات حول مشكلة البحث والتي تقود الباحث حول تقديم اقتراحات تحد من مشكلة أو تعالجها . يمكن القول بأن تمويل الأبحاث العلمية من الجهات المختصة يشكل حافزًا قويًا للبحث والتحري حول مشكلة معينة.
ثالثاً: أهمية مشكلة الدراسة
المشكلة هي وجود الباحث أمام تساؤلات أو غموض مع رغبة لديه في الوصول إلى الحقيقة، فالمشكلة موقف غامض أو نقص في المعلومات أو الخبرة أو سؤالاً محيراً، وتمثل مشكلة البحث نقطة البداية لعمل الباحث. وبدون مشكلة أو موضوعٍ ما لا يكون هناك بطبيعة الحال مبرر للباحث من أجل معالجة شيء. ولا يتوقف مفهوم المشكلة هنا على تسميتها أو اقتراح عباراتها بل يتعدى ذلك إلى تناول عدد من الجوانب أو العناصر الفرعية التي تساهم في توضيح مشكلة البحث وتحديد عناصرها الرئيسة.
كما أن أهمية تحديد مشكلة البحث تكمن في مساعدة الباحث في تحديد نوع الدراسة والمنهج المتبع (وصفي، تجريبي، شبه تجريبي، تاريخي، مقارن)، وتحديد أهمية البحث والجهات التي تستفيد من البحث، ويمكن أيضاً تحديد أهداف الدراسة التي اختارها الباحث، ومن خلالها يستطيع الباحث تحديد الفروض والتساؤلات التي سوف تقوم على إثرها الدراسة، وتحديد أنواع الطرق البحثية التي تناسب الدراسة أو البحث، وتحديد نوعية المعلومات والمعطيات والبيانات المطلوب الحصول عليها، وتحديد الأدوات التي سيعدّها الباحث والوسائل والأجهزة اللازمة لجمع وتحليل المعلومات والبيانات والمعطيات.
رابعاً: ضوابط كتابة مشكلة البحث العلمي:
يقوم الباحث العلمي باستخدام الضوابط الحديثة التي تساعده في الوصول للمعلومات الضرورية لإثراء البحث العلمي. وتتمثل ضوابط كتابة مشكلة البحث العلمي في التالي:
- أن تكون مشكلة البحث العلمي معاصرة: أي يقوم الباحث العلمي بكتابة مشكلة البحث التي يعيش تحت أسبابها المجتمع حاليًا، فلا يجب أن يقوم الباحث العلمي بكتابة مشكلة خطة بحث علمي لم تعد موجودة في زمننا الحالي.
- أن يعبر الباحث العلمي عن مشكلة البحث العلمي بلغة سلسة وسهلة: وبعيدة عن المفردات التي قد تولد شيئًا من اللبس أو الغموض لدى قارئها وبغض النظر عن مجال القارئ فلا بد أن يراعي الباحث العلمي بأن تكون الجملة الخاصة بمشكلة خطة بحث علمي مفهومة لجميع الأفراد.
- يجب أن يراعي الباحث العلمي بأن تكون مشكلة البحث العلمي شاملة لمتغيرات الدراسة: وحيث أن هذه المتغيرات تتفق مع المتغيرات التي يقوم الباحث العلمي بتفسيرها وتوضيحها في جزء مخصص لإجراءات الدراسة في خطة البحث العلمي.
- أن يحدد الباحث العلمي عينة البحث العلمي: وأن تتفق هذه العينة مع عدد أفراد العينة التي وُجِدت في الأقسام الأخرى من خطة البحث العلمي.
- أن تكون مشكلة البحث العلمي قابلة للتحري عنها: أي يتوفر لها العديد من المصادر والمراجع للمشكلة ذاتها، أو عدد من المراجع لمتغيرات مشكلة البحث العلمي، حيث يمكن أن تكون هذه المراجع عبارة عن كتب علمية أو رسائل دراسات عليا سابقة أو وثائق مسجلة رسميًا.
- ألّا تكون مشكلة الدراسة في البحث علمي تشبه مشكلة بحث علمي اخر: أن يقوم الباحث العلمي بالاطلاع على أكبر عدد من الدراسات السابقة التي تتعلق بموضوع البحث العلمي خاصته وذلك تفاديًا لكتابة بحث علمي يحتوي على مشكلة تشبه أحد الدراسات السابقة نصًا.
خامساً: الأخطاء الشائعة في اختيار مشكلة البحث:
يقع الباحثين العلميين في مجموعة من الأخطاء خلال كتابتهم واختيارهم لمشكلة البحث العلمي وهي كالتالي:
1- اختيار الباحث لموضوع بحث تقليدي مستهلك: من السلوكيات الخطأ التي يقع فيها الباحث عند اختيار مشكلة بحثية هو التحمس لموضوع واحد بعينه، أو أن يغلق تفكيره على هذا الموضوع و لا يعطي لنفسه فرصة النظر في احتمالات اّخرى و موضوعات جديدة و مشكلات لم يتناولها الباحثون من قبل. وقد يقوده ذلك إلى اختيار موضوع تقليدي مستهلك و يحرمه من اختيار موضوعات اخرى أكثر حداثة وربما أكثر أهمية في مجال التخصص.
2- اختيار الباحث لمشكلة بحثية من خارج تخصصه: إذا لم يكن الباحث على دراية كاملة بالمجالات البحثية التي تقع في إطار تخصصه التربوي فقد يختار موضوعاً أو مشكلة تقع في نطاق تخصص اّخر وهنا يضيع وقته ومجهوده سدى.
مثال: باحث من قسم المناهج وطرق التدريس سافر في بعثة للخارج للحصول على درجة الدكتوراة. وهناك تاهت منه معالم الطريق، وتخير موضوعاً مهماً ومفيداً وبذل جهده في بحثه وأنهى دراسته وحصل على الدكتوراه. وعندما عاد إلى أرض الوطن، اتضح أن موضوعه يدخل في نطاق تخصص أصول التربية.
3- اختيار مشكلات من التخصص النوعي و ليس التخصص التربوي: مثال: طالبا في التربية الفنية مثلاً يختار بحثاً يدور حول مشكلة الطلاءات الخزفية وكيف يتوصل إلى نوع جديد من الطلاء له مميزات اقتصادية أو جمالية، أو باحث في التربية الموسيقية يبحث تطوير ألة موسيقية معينة. و يلاحظ أن هذه البحوث تنتمي إلى بحوث الفنون التشكيلية و لا تنتمي إلى بحوث تعليم تللك الفنون.
أخطاء اّخرى يقع فيها الباحث عند اختيار المشكلة: بعد أن يستقر الباحث على المجال الذي يرغب البحث فيه و بعد أن يكون اقترب من تحديد المشكلة التي اقتنع بوجودها و أهميتها عليه التأكد من عدة امور لكي يضمن النجاح. ولعل أهم ما يفيده في ذلك تجنب الأخطاء الأتية:
- ألا يمثل الموضوع المختار مشكلة بحثية فعلاً: قد يتصور الباحث- خاصة المبتدئ- أن كل مشكلة يصادفها في العملية التعليمية تصلح لتكون مشكلة بحثية. و هذا غير صحيح حيث نجد بعد المشكلات لا تحتاج إلا لمزيد من القراءات والأدبيات المرتبطة بالموضوع، أو أن يكفي أن تناقش المشكلة من قبل النتخصصين ليصلوا إلى حلها.
- أن تكون المشكلة من المشكلات التي تتطلب بحوث حركة: وهنا تكون المشكلة واقعية ولكن حجم المشكلة وطبيعتها تتطلب إجراء بحث حركة سريع لا يتطلب كل القيود و الشروط والمدة الزمنية التي يحتاجها البحث التربوي الذي يستهدف الحصول على درجة الماجستير أو الدكتوراه.
- أن يتخير الباحث مشكلة ذات طابع شخصى: كثيراً ما تكون نتائج هذه البحوث مفيدة نظراً لحماس الباحث لها إلا أن في هذه الحالة يكون البحث محدود النتائج و لا يمكن تعميمه و بالتالي يكون الموضوع أو المشكلة غير مناسبة.
- أن يجبر الباحث على أختيار مشكلة غير مقتنع بها: أن اختيار الباحث موضوعاً لا يحبه أو اجباره على اختيار موضوع لا يقع ضمن اهتماماته يؤدي إلى أن يفقد حماسه للعمل ، و تصبح إجراءات البحث عملية غير محببة إلى نفسه يؤديها دون إستمتاع أو لا يبذل فيها أقصى قدراته و إبداعاته وتكون النتائج عادة دون المستوى.
- أن تكون المشكلة قديمة وسبق لبحوث سابقة أن تناولتها: بمعنى أن على الباحث التأكد من أن الموضوع المختار لم تسبق دراسته بنفس الأهداف، و بنفس المتغيرات و ربما نفس الاجراءات و بالتالي لم يعد هناك داع لبحث اّخر في الموضوع ذاته أو المشكلة ذاتها.
- أن تكون المشكلة أكبر من قدرات الباحث و إمكاناته: احيانا يدفع الحماس الباحث لاختيار مشكلة مهمة و جديرة بالبحث، ولكن تتطلب إمكانات مادية وبشرية أعلى من امكانات الباحث. فقد تتطلب المشكلة فريق بحثي متعدد التخصصات و أحيانا تتطلب سنوات طويلة لبحثها مما لا تكفيها سنوات الدراسة. و قد يحتاج البحث لأجهزة و معدات غير متوفرة و لا يمكن للباحث توفيرها.
- إغفال الباحث إجراء دراسة إستطلاعية للتأكد من المشكلة: في حالات كثيرة يكون المفيد إجراء دراسة إستطلاعية للتأكد من وجود المشكلة فعلاً و للتعرف عل أبعاد المشكلة و متغيرات البحث و التعرف على الصعوبات التي يمكن أن تواجه الباحث في دراسة المشكلة. وفي ضوء نتائج هذه الدراسة يقرر الباحث المضي في إعداد خطة بحثه أو إدخال بعض التعديلات على فكرة البحث أو حدوده أو اساليب التناول و الاجراءات أو قد يغير رأيه في الموضوع ككل.
ولكن ذلك لا يمنع الباحث من الانطلاق في التعبير عما يفكر فيه حتى لو قام بتعديله بعد شهور أو سنوات، ويجب على الباحث ألا يتردد عند كتابته لبحثه عندما يقرأ أو يعلم باحتمال وجود آراء مختلفة عن رؤيته، ولكن تلك هي رؤيته وتلك هي أسانيده في هذه اللحظة والتي بناها على إطلاع عميق لما هو متاح للباحث من دراسات وأبحاث سابقة حتى لو عدلت هذه الرؤية بعد سنوات نتيجة لخاصية التراكم في الفكر العلمي.
لطلب خدمة المساعدة في كتابة الإطار النظري , تواصل معنا عبر📞 واتس آب:https://bit.ly/39xYOMR